مانشيت: بري لعدم تفويت فرصة حوار أيلول...السعودية: نشجع السياحة في لبنان
Tuesday, 08-Aug-2023 06:28

التطورات الأخيرة التي تسارعت على المسرح الداخلي، عبر التحريك المريب للعامل الأمني من بؤرة مخيم عين الحلوة، وما تلاها من إجراءات غير متوقعة، شكّلت ضربة موجعة لموسم السياحة، بادرت إليها بعض الدول بمنع السفر الى لبنان ودعوتها رعاياها إلى مغادرته على وجه السرعة، أشاعت في الأجواء الداخلية سحابة كثيفة من علامات الاستفهام حول خلفياتها ودوافعها وأهدافها، وقلقاً جدّياً من احتمالات وسيناريوهات مجهولة.

توضيح سعودي
واللافت في هذا السياق، التوضيح السعودي الذي صدر امس عن سفير المملكة في لبنان وليد البخاري، الذي نُقل عنه قوله أمام وفد من «التجدّد للوطن» الذي سلّمه الورقة السياسية الأولى الصادرة عن التجدّد: «انّ دعوة السعوديين الى مغادرة لبنان أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة. مؤكّداً أنّ المملكة حريصة على مواطنيها أينما وُجدوا، ولا يمكن أن تفرّط بهذا الموضوع، ومشيراً إلى أنّ المملكة كانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان، وانّ الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصّل اللبنانيون إلى حل أزمتهم».
وإذ لفت بيان عن اللقاء إلى انّ البحث تناول سبل الخروج من الأزمة الداخلية في لبنان، من خلال مهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان مكلّفاً من لقاء الدول الخمس، لجهة التأكيد على المعايير التي تسمح بتقريب وجهات النظر بين اللبنانيين. كما جرى التأكيد على أهمية اتفاق الطائف واحترام تطبيقه. وأشار السفير البخاري في هذا الإطار إلى «المظلاّت الدولية التي أمّنتها المملكة للبنان وأبرزها لقاء الدول الخمس، وما سبقه من بيان ثلاثي سعودي- فرنسي- أميركي والقمة الفرنسية- السعودية».


غموض
المستويات الرسمية، وكذلك السياسية والأمنيّة، قبل صدور التوضيح السعودي، لم تكن تملك ايّ إجابات حول هذه التطوّرات، وبرزت في هذا السياق التساؤلات التي طرحها رئيس المجلس النيابي نبيه بري حول الاسباب الموجبة التي دفعت بعض الدول الخليجية إلى استدعاء رعاياها ومنع السفر إلى لبنان، وخصوصاً أنّ الوضع الأمني في لبنان بشكل عام لا تشوبه أية مخاوف، واما الوضع في مخيم عين الحلوة، فبدا أنّه قد حُصر في نطاقه ويميل إلى التهدئة، فضلاً عن أنّ الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها على أكمل وجه.


فرضيّات
وإذا كانت بعض المصادر السياسية قد برّرت لتلك الدول إجراءاتها وخوفها على رعاياها، ربطاً بفلتان السلاح، وبالتطورات الأمنية التي شهدها مخيم عين الحلوة في الايام الاخيرة، الّا أنّ مصادر اخرى اعتبرت انّ تلك الإجراءات يُخشى ان تكون مدفوعة بعوامل خارجية أبعد من الداخل اللبناني، معربة عن قلقها من ان تكون انعكاساً لتحوّلات جديدة في المنطقة، نقلتها مجدداً إلى مدار التوتر على اكثر من ساحة، بما يعاكس أجواء التقارب والانفتاح التي سادت بين بعض دول المنطقة، وخصوصاً بين المملكة العربية السعودية وايران، وكذلك بين العرب بشكل عام وسوريا. يُضاف الى ذلك التراجع الملحوظ في الآونة الاخيرة، لاحتمالات الحسم الإيجابي للملفات الكبرى مثل الملف النووي الايراني، ووضع الاتصالات المرتبطة بهذا الشأن على خط ما فوق التوتر العالي.


مخاوف جدّية
وتبرز في هذا السياق قراءة مصادر سياسية مسؤولة لهذه التطورات، حيث أبلغت إلى «الجمهورية» قولها: «على مستوى الوضع الأمني في لبنان، ليس ما يدعو الى القلق، والجيش والأجهزة الأمنية على اختلافها تطمئن وتؤكّد انّ الأمن ممسوك، وعلى المستوى الرئاسي، الوضع مضبوط منذ بداية الشغور الرئاسي قبل عشرة اشهر، بقواعد الاشتباك السياسي التقليدي، ويراوح في دائرة البحث عن توافق لم يحصل بعد. كل ذلك يؤكّد انّ الداخل بشكل عام لا يبعث على القلق من أي تداعيات. وفي المقابل يبدو انّ مسار الإيجابيات الذي انطلق في المنطقة قد تفرمل، ما جعل أفق المنطقة ملبّداً باحتمالات نجهلها، والخوف الكبير ان تكون رقعة هذه الاحتمالات واسعة، تستبطن في مكان ما، إرادة لدى بعض اللاعبين الإقليميين، لجعل لبنان ساحة لتبادل الرسائل الاقليمية، ما يعني تسخين الساحة اللبنانية سياسياً وربما أمنياً».
وفيما توقفت اوساط مراقبة عند «تزامن التطورات الاخيرة سواء الأمنية في عين الحلوة، التي ما زالت جمراً تحت الرماد، او المتعلقة باستدعاء الرعايا ومنع السفر إلى لبنان، وتلاحقها مع التحضيرات الجارية للحوار اللبناني، التي أسس لها الموفد الرئاسي الفرنسي لإيجاد حل رئاسي»، أبدى مرجع سياسي حذراً ملحوظاً حيال ذلك، وسأل عبر «الجمهورية»: «هل هذه مصادفة، ام أنّ خلف الأكمة ما خلفها؟»، وقال: «جدّياً ليس لديّ جواب نهائي، وما زلت أبحث عن جواب. فلننتظر لنرَ، وكل أوان لا يستحي من أوانه».
واضاف: «في التقدير الأولي، فإنّ هذه التطورات في هذا التوقيت الذي نسعى من خلاله الى تلمّس الطريق لانفراج داخلي، سواء أكانت عفوية او متعمّدة، نتيجتها واحدة وهي التشويش على حوار الحل الرئاسي، وربما تعطيله قبل انطلاقه. والأمر نفسه ينطبق على الإشارات التصعيدية الاميركية التي جاءت بالتوازي مع تلك التطورات». ويشير المرجع هنا «إلى ما صدر عن لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي، لجهة وصف رئيس المجلس النيابي بأنّه امتداد لـ»حزب الله»، وترحيبها بالمطالبات الصادرة في اوروبا بفرض عقوبات عليه». وكان بري قد ردّ على ذلك بقوله: «انا امتداد لكلّ شيء، انا بري ما بحلى عَ الرصّ».


حوار ايلول
رئاسياً، الأنظار الداخلية مشدودة الى شهر ايلول، والحوار الرئاسي المنتظر فيه. الذي تتقاطع حوله الآراء السياسية بأن يكون حواراً شاملًا، وليس حواراً ثنائياً او ثلاثياً لا يمكن ان يوصل الى أي نتيجة. وما يسترعي الانتباه في هذا السياق، هو انّ هذا الحوار محاط بهالة من التشكيك، ليس فقط في إمكان بلوغه النتائج المرجوة منه، بل في إمكان انعقاده، وذلك ربطاً، اولاً، بالمواقف الاعتراضية على انعقاده، وهو ما عبّرت عنه بعض الأطراف التي تسمّي نفسها سيادية. وثانياً، وهنا الأساس، ربطاً بالهوّة العميقة التي تفصل ما بين المعنيين بالملف الرئاسي، ويستحيل ردمها، او بلوغ مساحة مشتركة في ما بينها، وهذه الاستحالة يتفق كل المتابعين لهذا الاستحقاق على اعتبارها نعياً مسبقاً لهذا الحوار.


15 مشاركاً
فلقد حدّد الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان شهر آب الجاري، كفترة تحضيرية لحوار رئاسي يُعقد خلال النصف الأول من شهر ايلول المقبل، على ان يحضر لودريان في بدايته إلى بيروت في زيارة ثالثة، لإجراء مشاورات سريعة مع الأطراف السياسية قبل توجيه الدعوات الرسمية، بحسب معلومات موثوقة، إلى 15 ممثلاً عن الكتل النيابية، للمشاركة في هذا الحوار، الذي يرجح انّه سيُعقد برعاية لودريان شخصياً في مقرّ السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر، ولمدّة أقصاها يومان او ثلاثة ايام على أبعد تقدير.
لودريان قال صراحة في زيارته الاخيرة إنّه آتٍ باسم دول الخماسية، لإشاعة مناخ حواري في لبنان، يفضي الى خرق نوعي في الجدار الرئاسي، تعبر من خلاله الاطراف السياسية المتنازعة على الحلبة الرئاسية، إلى توافق على انتخاب رئيس للجمهورية إن أمكن خلال شهر أيلول. ولودريان نفسه لم يجازف بإبداء التفاؤل، بل أنّه اقرّ بصعوبة مهمّته، مؤكّداً انّ نجاحها مرهون بالتفاعل الإيجابي معها من قِبل الاطراف السياسية، ومغادرتها منصّات الشروط المانعة لانتخاب رئيس منذ ما يزيد عن عشرة اشهر، ونزولها إلى حلبة العقلانية والتنازلات المتبادلة لمصلحة لبنان.


الخماسية: لا رأي موحّداً!
هذه الصعوبة التي تعتري مهمّة لودريان، معطوفة على ثبات اطراف الصراع الرئاسي على مواقفها، وتمسمرها خلف شروطها المتصادمة، لا يبدو في الأفق ما يبدّدها، او يحوّلها الى مدار التسهيل، فضلاً عن التصلّب الذي يحكم مواقف بعض الأطراف، التي تجافي الحوار وترفض المشاركة فيه، على غرار ما ذهب اليه بعض من يصنّفون أنفسهم سياديين. وعلى ما تقول مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، فإنّ هذه الصعوبة التي تواجه مهمّة لودريان في تحقيق الخرق الرئاسي المرجو منها، ليست من القوة التي تستطيع من خلالها ان تصمد امام خمس دول ترغب بحل رئاسي في لبنان، بل هي انعكاس واضح لتباين النظرة الخارجية إلى الملف الرئاسي، وتحديداً بين «الدول الخمس» المعنية مباشرة بهذا الملف. ولو كانت الخماسية على موقف واحد وقلب واحد، فهل كان أحد في الداخل، وتحديداً من حلفاء تلك الدول، ان يتجرّأ على رفض المشاركة في الحوار»؟
وأوضحت المصادر «انّ الصورة الخارجية من الملف الرئاسي على حالها، ولم تتبدّل، فالفرنسيون وحدهم المستعجلون على إحداث خرق يعجّل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، والاميركيون وإن كانوا مشاركين في الخماسية الّا انّهم في حقيقة موقفهم يتفرجون، وأما الآخرون، فيتوزعون بين رافض للتدخّل وبأن يكون عاملاً مساعداً وحاسماً في الملف الرئاسي، وبين مروّجين لمرشح معيّن غير رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، والوزير جهاد ازعور الذي ما زال موجوداً وإن بحضور اقل على خط التقاطعات».


بري يحذّر
وتبعاً لذلك، تتقاطع القراءات السياسية على اعتبار انّ احتمالات إحداث خرق في الحوار، إن انعقد، قليلة او ضعيفة جداً. وهو ما حذّر منه الرئيس بري بقوله لـ»الجمهورية» بأنّ «حوار ايلول فرصة لبلوغ اتفاق ينهي الأزمة الرئاسية، ينبغي استثمارها ولا يجوز تفويتها، فإن توافقنا فرئيس الجمهورية سيُنتخب حتماً، وينتقل لبنان من واقع مهترئ ويسلك سبل الانتعاش، وإن لم نتوافق فسندخل في دهليز مظلم ويدفع لبنان اثماناً اضافية باهظة».
ولفت بري إلى «أننا لو كنا سلكنا طريق الحوار من البداية لكانت الأزمة الرئاسية خلفنا وتجاوزناها منذ اشهر، ووفّرنا على هذا البلد ما سقط فيه من تعقيدات ومطبات وأزمات ارهقت اللبنانيين. فقد سبق لي ان ناديت مرات ومرات بتجنّب الفراغ في رئاسة الجمهورية، ودعوت إلى الحوار بصفاء نيات باعتباره السبيل الوحيد الذي يحقق الغاية المرجوة، قلنا لهم تعالوا الى الحوار، وجربونا إن كنا جدّيين ام لا، لكنهم تهرّبوا من هذا الحوار، ونتيجة ذلك كان الإنحدار الى الوضع الذي نحن فيه. وقد قلت بكل صراحة في خطاب 31 آب من العام الماضي في ذكرى تغييب الامام الصدر، اي قبل نحو شهرين من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، إننا نشجع وندعم أي لقاء يمكن أن يفضي الى توافق وطني عام حول الإستحقاق الرئاسي، واكّدت آنذاك وأعود وأؤكّد اليوم انّ الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق دستوري سيادي وطني بامتياز، فلنجعله مناسبة نقدّم فيه مصلحة لبنان على أية مصالح أخرى».


«لا تفوّتوا الفرصة»
والبارز في هذا السياق، ما نقلته مصادر اقتصادية عن سفير دولة كبرى، حيث اكّد انّ حوار ايلول يعدّ آخر فرص النجاة للبنان، وقال ما حرفيته: «الفرصة هي اليوم في أيدي القادة السياسيين في لبنان، لكي ينتقلوا من مرحلة تضييع الوقت وتفويت الفرص إلى صياغة توافق على انتخاب رئيس للجمهورية، والاّ فإنّ ما اخشاه هو انّ الوقت قد يغلب لبنان، ويدفع به الى منزلقات شديدة الخطورة وانهيار على كل المستويات، لا يعود في امكانه جراءها صياغة اي حل لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد، وحتى انّه قد لا يجد من يشاركه من الخارج، في البحث عن مخارج وحلول».


الموازنة
من جهة ثانية، عقد مجلس الوزراء جلسة في السرايا الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي للبحث في مشروع موازنة العام 2023، حيث تقّرر عقد جلسة ثانية في 16 الجاري للبت النهائي بمشروع الموازنة.
وفي مداخلة له في مستهل الجلسة، تناول ميقاتي البيانات التحذيرية الصادرة عن دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً الى انّ «معطيات الأجهزة الامنية لا تدل إلى اي وضع أمني استثنائي». وقال: «هناك اضطراب في مخيم عين الحلوة، وبالأمس عقدت اجتماعاً مطولاً مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين أمنيين لبنانيين، واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد».


مولوي
الى ذلك، أكّد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي، انّه «تمّ اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لمنع انتقال الاشتباكات إلى خارج مخيّم عين الحلوة وللحفاظ على أمن اللبنانيين والإخوان العرب».
وقال مولوي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مجلس الأمن الداخلي المركزي: «حرصنا على العرب الموجودين على الاراضي اللبنانية لا يقلّ عن حرصنا على اللبنانيين»، معتبرًا أن «لا معطيات أمنية بخروج الأمور في مخيم عين الحلوة عن السيطرة وانتشارها إلى مخيمات أخرى».
وشدّد مولوي على انّه «لا مساومة على تطبيق القانون، ولن نقبل أن ننجرّ إلى مكان آخر، ولبنان ليس صندوق بريد ولن نسمح بأن يكون مسرحاً لتوجيه رسائل».
وقال: «الدول العربية صديقة للبنان ويهمّها مصلحته، ولا تخوّف من أحداث أمنية. وبالنسبة لنا علينا حفظ أمن بلدنا ولا يجب أن يمتد ما يحصل في المخيمات إلى خارجها».
اضاف: «المطلوب عدم وجود أي مسلح على الأراضي اللبنانية، ونحن لا ننفّذ أجندات أحد». أضاف: «لا نقبل التفلّت الأمني في لبنان. وأي دعم لفصائل مسلحة أمرٌ مرفوض ونرفض السلاح المتفلّت ولا نقبل أي تعرّض لأمن اللبنانيين أو العرب في لبنان». تابع: «هناك مجموعات مسلّحة في المخيمات وهذا بعهدة الجيش الذي تصرّف بدقّة وحكمة. وقيادة الجيش واعية وتعرف كيف تتصرف مع الظروف».
إشارة هنا الى انّ وضع عين الحلوة كان مدار بحث بين قائد الجيش العماد جوزف عون وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الوزير عزام الاحمد، الذي زار اليرزة يرافقه السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور وامين سر فتح والفصائل الفلسطينية فتحي ابو العردات.


لقاء الديمان
على صعيد حكومي آخر، يُعقد في المقر البطريركي في الديمان، اليوم، لقاء وزاري تشاوري. وقد أعلن وزراء المالية والعمل والمهجّرين والاتصالات والاشغال والاعلام في حكومة تصريف الأعمال مشاركتهم في اللقاء، فيما قال وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار انّه لن يشارك في اللقاء إلّا إذا وجّه البطريرك الراعي دعوة مباشرة للوزراء.

الأكثر قراءة